عندما أعلن الركراكي قائمة المنتخب المغربي لمواجهتي النيجر وزامبيا، لم يكن الأمر مجرد تحديث روتيني للائحة اللاعبين. فمع حاجة “أسود الأطلس” لنقطة واحدة فقط لضمان التأهل الرسمي إلى كأس العالم 2026 ، تتحول هذه القائمة من كونها أداة لتحقيق هدف آني إلى إعلان نوايا استراتيجي واضح. إنها الخارطة الأولى التي يرسمها وليد الركراكي لمعركتين قادمتين أكثر أهمية: التتويج بكأس الأمم الإفريقية 2025 على أرض المغرب، وبناء فريق قادر على تكرار إنجاز المونديال في 2026. هذه الاختيارات هي بمثابة مختبر تكتيكي وبشري في ظروف شبه مثالية، بعيداً عن ضغط الحسابات المعقدة.
القائمة الرسمية: 27 أسداً في مهمة حسم التأهل ورسم ملامح المستقبل
كشف وليد الركراكي عن قائمة تضم 27 لاعباً، تمثل مزيجاً مدروساً بين أعمدة الفريق الأساسية وعناصر جديدة وعائدة لتعزيز العمق التكتيكي للمجموعة. القائمة الكاملة، مع تحليل دقيق لدور كل لاعب، تتضح في الجدول التالي:
المركز | اللاعب | النادي | ملاحظات تحليلية |
حراسة المرمى | ياسين بونو | الهلال السعودي | القائد والعمود الفقري للفريق الذي لا يمكن المساس به |
منير المحمدي | نهضة بركان | الحارس الثاني المخضرم، يوفر الخبرة والاستقرار | |
المهدي الحرار | الرجاء الرياضي | وجه جديد – مكافأة على تألقه في الدوري المحلي وبطولة “الشان” | |
خط الدفاع | أشرف حكيمي | باريس سان جيرمان | نجم عالمي وأحد أهم الأسلحة الهجومية من الخلف |
نايف أكرد | وست هام يونايتد | صخرة الدفاع وقائد الخط الخلفي | |
عمر الهلالي | إسبانيول | ظهير أيمن واعد، بديل مستقبلي وخيار تكتيكي | |
محمد الشيبي | بيراميدز المصري | عائد للقائمة – يعزز المنافسة في مركز الظهير الأيمن | |
أشرف داري | الأهلي المصري | عائد للقائمة – خيار إضافي لعمق الدفاع بعد تجربة في مصر | |
جواد الياميق | النجمة السعودي | عنصر خبرة في قلب الدفاع، موثوق به من قبل الركراكي | |
آدم ماسينا | تورينو الإيطالي | ظهير أيسر بخبرة أوروبية، يوفر حلاً في مركز حساس | |
سفيان الكرواني | أوتريخت الهولندي | عائد للقائمة – ظهير أيسر عصري يتميز بنزعته الهجومية | |
يوسف بلعمري | الرجاء الرياضي | مدافع محلي صلب، يمثل استمرارية الثقة في البطولة الوطنية | |
خط الوسط | سفيان أمرابط | فنربخشة التركي | رئة الفريق والمحور التكتيكي الرئيسي في الوسط |
عز الدين أوناحي | أولمبيك مارسيليا | الدينامو المبدع وصانع الفارق بمهاراته الفردية | |
بلال الخنوس | ليستر سيتي | الموهبة الشابة والمستقبل المشرق لخط وسط الأسود | |
إسماعيل صيباري | آيندهوفن الهولندي | لاعب جوكر قادر على اللعب في عدة مراكز هجومية | |
إلياس بن صغير | موناكو | موهبة فذة أخرى، يضيف الإبداع والحلول الفردية | |
أسامة العزوزي | أوكسير الفرنسي | لاعب وسط دفاعي واعد، بديل استراتيجي لأمرابط | |
نائل العيناوي | روما الإيطالي | استدعاء أول – لاعب وسط متكامل من الكالتشيو لتعزيز القوة البدنية والفنية | |
خط الهجوم | إبراهيم دياز | ريال مدريد | النجم الأبرز وصانع اللعب الأول في الثلث الأخير من الملعب |
يوسف النصيري | فنربخشة التركي | الهداف الأول للمنتخب، قوة ضاربة في الكرات الهوائية | |
أيوب الكعبي | أولمبياكوس اليوناني | مهاجم قناص وخيار تهديفي مهم من على مقاعد البدلاء | |
أمين عدلي | بورنموث الإنجليزي | عائد للقائمة – جناح مهاري وسريع، يعزز المرونة الهجومية | |
إلياس أخوماش | فياريال الإسباني | عائد للقائمة – جناح فني آخر، يزيد من عمق الخيارات على الأطراف | |
شمس الدين طالبي | سندرلاند الإنجليزي | موهبة شابة من التشامبيونشيب، استثمار للمستقبل | |
حمزة إكمان | ليل الفرنسي | مهاجم شاب انتقل حديثاً لأوروبا، رهان على التطور | |
مروان سنادي | أتلتيك بلباو | اسم يثير الفضول، خيار غير تقليدي لتعزيز الهجوم |
لائحة المنتخب الوطني المستدعاة لمباراتي النيجر و زامبيا
Our National Team’s Squad list for the next matches against Niger & Zambia#DimaMaghrib pic.twitter.com/x10Hgjvemg
— Équipe du Maroc (@EnMaroc) August 28, 2025
قراءة في الاختيارات: من هم القادمون الجدد، العائدون، وأبرز الغائبين؟
تكشف تفاصيل القائمة عن فلسفة الركراكي التي تجمع بين الولاء للركائز الأساسية وتطبيق مبدأ الاستحقاق والمنافسة على باقي المراكز.
- الوجوه الجديدة والعائدة: تعزيز العمق والمكافأة على التألق
- نائل العيناوي (روما الإيطالي): يعتبر الاستدعاء الأول للاعب الوسط القادم من الكالتشيو الإضافة الأبرز للقائمة. يهدف الركراكي من خلاله إلى ضخ دماء جديدة في خط الوسط، مستفيداً من النضج التكتيكي والقوة البدنية التي اكتسبها اللاعب في أحد أقوى الدوريات الأوروبية.
- المهدي الحرار (الرجاء الرياضي): يأتي استدعاء حارس الرجاء كمكافأة مباشرة على تألقه اللافت في البطولة الوطنية وبطولة إفريقيا للمحليين “الشان”، وهي رسالة واضحة بأن باب المنتخب مفتوح أمام كل من يثبت جدارته محلياً.
- العائدون (الشيبي، داري، عدلي، أخوماش): عودة هذا الرباعي لا تأتي من فراغ. فالشيبي وداري قدما مستويات جيدة في الدوري المصري ، بينما يمثل عدلي وأخوماش إضافة نوعية للخيارات الهجومية على الأجنحة، مما يزيد من الحلول التكتيكية المتاحة أمام المدرب.
- الغيابات الوازنة: بين لعنة الإصابات والقرارات الفنية الحاسمة
- غيابات اضطرارية: يغيب كل من الظهير نصير مزراوي والجناح عبد الصمد الزلزولي بسبب الإصابة، وهو ما يمثل غياباً مؤثراً لكنه خارج عن إرادة الطاقم الفني.
- استبعاد فني: يبقى الغياب الأبرز هو استبعاد المهاجم سفيان رحيمي لأسباب فنية بحتة. هذا القرار، رغم أنه قد يثير الجدل، إلا أنه يعكس رؤية المدرب التكتيكية الحالية وتفضيله لأنماط معينة من المهاجمين.
هذا النهج يرسخ ثقافة مزدوجة داخل المنتخب: هناك نواة صلبة من القادة لا تمس (بونو، حكيمي، أمرابط، أكرد)، ولكن باقي المقاعد في الطائرة المتجهة إلى أي بطولة تخضع لمنافسة شرسة ومفتوحة، حيث الأداء في النادي هو المعيار الوحيد للحكم.
تحليل تكتيكي حصري: تفكيك رؤية وليد الركراكي لمغرب 2026
تتجاوز هذه القائمة مجرد اختيار أسماء، لتقدم لنا لمحات واضحة عن الفكر التكتيكي الذي يتبلور في ذهن الركراكي للمستقبل.
“تأثير العيناوي”: تحصين وسط الميدان بقوة وجودة الكالتشيو
استدعاء نائل العيناوي ليس مجرد إضافة عددية. فاللاعب البالغ من العمر 24 عاماً وبطول يبلغ 186 سم، والذي يلعب بقدمه اليمنى، يقدم بروفايلاً مختلفاً لخط الوسط المغربي. خبرته في الدوري الإيطالي مع روما تمنحه انضباطاً تكتيكياً وقدرة على اللعب في أدوار مركبة. يمكن للركراكي استخدامه كلاعب ارتكاز ثانٍ بجانب أمرابط لتكوين جدار دفاعي صلب أمام الرباعي الخلفي، أو الدفع به في دور “Box-to-Box” للاستفادة من قوته البدنية وقدرته على التمرير. هذا الخيار يمنح المدرب مرونة أكبر للتحول بين خطة
4−2−3−1 و 4−3−3 حسب مجريات المباراة وطبيعة الخصم. (للمزيد من الإحصائيات حول اللاعب.
رسالة الاستحقاق: الأهمية الاستراتيجية لاستدعاءات لاعبي الدفاع
إن استدعاء مدافعين من دوريات متنوعة مثل أشرف داري ومحمد الشيبي (الدوري المصري) ، وسفيان الكرواني (الدوري الهولندي) ، ويوسف بلعمري (الدوري المغربي) ، يحمل رسالة استراتيجية عميقة. الركراكي يؤكد أنه يراقب جميع اللاعبين بغض النظر عن مكان ممارستهم، وأن الأداء المتميز هو جواز السفر الوحيد للانضمام لـ “أسود الأطلس”. هذا يخلق بيئة تنافسية صحية في الخط الخلفي، وهو أمر حيوي للبطولات المجمعة التي تتطلب وجود بدلاء جاهزين بنفس كفاءة الأساسيين. (يمكنك قراءة المزيد في مقالنا حول [تحليل أداء المحترفين المغاربة هذا الأسبوع]).
معضلة رحيمي: استبعاد تكتيكي محسوب أم تغيير في الفلسفة الهجومية؟
يثير غياب سفيان رحيمي تساؤلات كثيرة، لكن التحليل الفني قد يقدم إجابة. رحيمي هو مهاجم “قناص” يتميز بحسه التهديفي العالي داخل منطقة الجزاء. في المقابل، يتمتع العائدون مثل أمين عدلي وإلياس أخوماش بخصائص مختلفة؛ فهما لاعبا أجنحة بمهارات فردية عالية، قادران على المراوغة وخلق الفرص وصناعة اللعب، بالإضافة إلى التسجيل. هذا التحول قد يشير إلى تطور في فلسفة الركراكي الهجومية. فبدلاً من الاعتماد على مهاجم صريح، قد يميل المدرب إلى تطبيق نظام هجومي أكثر مرونة بثلاثي أمامي متحرك يتبادل المراكز، وهو أسلوب فعال جداً لخلخلة الدفاعات المتكتلة التي من المتوقع أن يواجهها المغرب بكثرة في كأس إفريقيا القادمة، حيث سيكون هو الطرف المرشح في معظم المباريات.
هذه التغييرات مجتمعة تشير إلى أن الركراكي لا يبني فريقاً لمجرد تكرار إنجاز مونديال 2022 الذي اعتمد على الصلابة الدفاعية والهجمات المرتدة، بل يعمل على تطوير هوية تكتيكية جديدة تمكن الفريق من فرض أسلوبه والتحكم في المباريات كمرشح أول للقب، وهو التحدي الأكبر القادم.
خاتمة: نقطة على المونديال، وكل العيون على التاج الإفريقي
تمثل هذه اللائحة توازناً دقيقاً بين حسم التأهل للمونديال كنقطة في جدول الأعمال، وبين التخطيط الطموح للمعركة الكبرى القادمة على اللقب الإفريقي. من خلال ضخ دماء جديدة، وإعادة لاعبين متألقين، وتوجيه رسائل تكتيكية واضحة، يؤكد وليد الركراكي أنه في سباق مستمر لتطوير الفريق وتوسيع قاعدة خياراته. فالمهمة لم تعد تقتصر على الوصول إلى المحافل العالمية، بل المنافسة فيها بقوة أكبر. بعد أن أعلن الركراكي قائمة المنتخب المغربي الجديدة، هل يملك الآن التوليفة المثالية بين الخبرة والشباب لتحقيق الحلم الإفريقي على أرض الوطن؟